من أحدث االسيارات الالمانيه التى صنعت فى الهند
خبر مهم لصناعة السيارات، تداولته الأيام الماضية الصحف ووكالات الأنباء، -محزن إلى حد ما بالنسبة لى-، الخبر باختصار هو نجاح الهند فى إنتاج أول سيارة من طراز مرسيدس EQS الكهربائية، لتغادر خط الإنتاج، مكتوب عليها عبارة Made in India أو صنعت فى الهند.
بالتأكيد لم يحزننى إنتاج الهند للسيارة، التى تعتبر الآن الأفخم ضمن طرازات مرسيدس-بنز والأحدث والأرقى على مستوى التكنولوجيا، ويمكننى أن أؤكد لكم أن هذه الخطوة تعنى ثقة كبيرة جدا من شتوتجارت تجاه مصنع الهند.
ما أحزننى فعلا، أننا على مدار الـ٤٠ سنة الماضية كنا نطارد مشروع تصنيع السيارات، بدون جدوى أو تحقيق أى خطوات حقيقية تجاهه.
شركات سيارات كانت تدخل سوقنا للتجميع ثم تغادر أو تستمر، ولكنها لا تحقق قيمة مضافة، لا لبلدنا ولا للمستهلك المصرى أيضا، هى تحقق أرباح فقط.
ولا يمكن لوم الشركات بالتأكيد، فهى فى النهاية كيانات هادفة للربح، يجب أن تخدم مصالحها، المشكلة ليست فى الشركات، ولا فى التسهيلات التى تمنحها الحكومة -كما يعتقد البعض- المشكلة تكمن فى سوقنا، السوق المصرى!
مبيعات السوق المصرى لا تتجاوز -على أكبر تقدير- ٣٠٠ ألف سيارة جديدة فى السنة، هذا الرقم يشمل السيارات الملاكى والأوتوبيسات والنقل، سواء كانت مستوردة أو مجمعة محليا.
مبيعات متواضعة جدا، مقارنة بالتعداد والمساحة، هذه هى المشكلة الحقيقية، والإيجابى فى الأمر أن الشركات العالمية تدرك قيمة الفرص لدينا، ولكنها بالتأكيد لن تسعى أبدا للتنقيب عليها واكتشافها، وهذا ما يقابله أسلوب طرق الأبواب الذى تنتهجه الحكومة المصرية مع الشركات الكبرى لجذب الاستثمارات.
هل يمكن أن ننجح فى اجتذاب الاستثمارات بهذا الأسلوب؟ ربما نحقق نتائج، ولكن قصة نجاح. لا أعتقد. لماذا؟ لأن المشكلة مازالت موجودة، حجم السوق المحدود، إذا قمنا بدفع وزيادة حجم السوق سوف تنتهى المشكلة الأساسية، وتظهر الفرص كاملة، أمام الشركات الكبرى. القصة سوف تتطلب بعض الوقت، ولكننا سوف نتمكن فى النهاية من وضع بلدنا على الخريطة.
لزيادة حجم السوق، وهو بالمناسبة هدف منطقى جدا فى بلد تعداد السكان فيه يتجاوز الـ ١٠٠ مليون، يجب التوسع الجغرافى فى خدمات البيع وبعد البيع، لتشجيع المزيد من العملاء فى المحافظات المختلفة على شراء سيارات جديدة، وهذا لن يتم أبدا من خلال الوكلاء، معظمهم لا يرى داعى أصلا لوضع المزيد من الاستثمارات خارج الطريق الدائرى ومنطقة أبو رواش، لذلك -كما كتبت منذ عدة أسابيع- فى نفس المكان، تحت عنوان: «زيادة الاستثمارات!» فإن الحل الأسرع، هو فتح استيراد السيارات المستعملة، مع وضع شروط للحفاظ على السلامة والجودة.
أعرف أن الوقت قد لا يكون مناسب لهذا الكلام، نحن نعانى من أزمة اقتصادية، ترتب عليها وقف استيراد عدد من السلع أولها السيارات. ولكن الأزمة سوف تمر بالتأكيد، والسوق سوف يستعيد نشاطه وحركته من جديد. وقتها أتمنى أن تضع الحكومة زيادة حجم السوق كهدف يجب تحقيقه لخلق الفرص ودفع الاستثمارات.
المعادلة بسيطة وواضحة جدا، حجم السوق سوف ينمو، بمجرد فتح استيراد المستعمل، وذلك لأسباب أيضا واضحة جدا، أعداد السيارات سوف تزداد، ما يعنى منافسة أكبر من قبل التجار والوكلاء، الأسعار سوف تنخفض والخدمات سوف تتوافر، والمعروض سوف يغطى الطلب، بجانب انخفاض أسعار السيارات المستعملة، ما يعنى مزيد من العروض الترويجية للسيارات الجديدة، وهذا حال معظم الأسواق العالمية.
خلال سنوات قليلة سوف ينمو ويتضاعف حجم السوق، وتصبح بلدنا جاذبة للاستثمار، صناعة المكونات الحديثة كبداية، ثم تصنيع السيارات.
أتمنى أن تتحرك الدولة فى هذا الاتجاه بعد مرور الأزمة، ربما نتمكن فى يوم ما نحن أيضا من إنتاج أحدث سيارة لواحدة من أهم شركات السيارات العالمية.